شئ من الخوف .... !

لا سعادة بلا حرية ولا حرية بوجود الخوف ولا يطرد الخوف إلا السكينة ولا سكينة إلا بجنب الله.

لا يكاد يوجد إنسان يعيش دون مخاوف! تتعدد مخاوفنا وتختلف بشدتها وشكلها وتأثيرها، فهذا يخاف المرتفعات والأماكن المغلقة وذاك يخاف من الوحدة والعزلة وآخر يخاف من الماضي أو المستقبل وغيرهم يخاف المرض والموت، وهذا من حيث شكل أو نوع الخوف الذي قد يعاني منه أحدنا. أما بالنسبة لتأثير الخوف فهو مرتبط بشدته!

غالب الناس إن لم يكن جميعهم، لديهم مخاوف وهذه المخاوف ليست شراً مطلقاً كما قد يتخيل البعض، فقد يكون للخوف عندما يكون بدرجة معينة أثراً إيجابياً على صاحبه.

الإنسان الواعي يدرك أن لديه خوف من أمر ما ويكون بالعادة قادراً على تحديده تماماً وهذا أمر جيد لإن الخطوة الأولى على طريق الحل إدراك وجود مشكلة وتحديدها بدقة.

قد يسأل سائل هل لي أن أتغلب على مخاوفي؟ وكيف يكون ذلك؟

الجواب على هذا السؤال يتكون من شقين:

الأول : لا ..... ! 

الثاني: لإن الخوف غالباً غير موجود إلا في ذهن ومخيلة صاحبه ومعظم الأحيان لا يكون واقعياً ومن الأمور التي تثير الإستغراب فعلاً أن صاحب الخوف (المرضي) عادة يكون ذو خيال واسع! لإن إنتاج الخوف يحتاج إلى ذلك الخيال الخصب والذي غالباً ما يعود به للماضي الذي إنقضى و أحياناً يسافر به  إلى مجاهيل المستقبل الذي لا يعلمه إلا الله!

فعلى سبيل المثال كثير منا يخاف من ضيق الرزق ويخاف على مستقبل الأولاد وهذه أمور مرتبطة بالمستقبل وعلمها ليس في دائرة علم الإنسان.

لذلك يمكن القول أن الخوف كحال ذهنية عند الإنسان تنتهي إذا ترك الماضي وراءه وتخلى عن إفتراضاته المستقبلية وعليه فإن الإنسان لا يملك إلا أن يعيش (هنا) و (الآن) فقط.

ومن التعريفات التي قد تلفت انتباه القارئ عن الإنسان الناجح: الإنسان الناجح هو الذي استطاع تحديد مخاوفه ومواجهتها لإن الهروب منها إلى الأمام يعني استمرارها وتعاظمها وما أن تتخذ قراراً بذلك حتى تبدأ بالتلاشي وعلينا أن نتذكر أن الإنجازدائماً يقع على الضفة المقابلة للخوف.

يروي أحد الذين قاموا بتجربة القفز المظلي لأول مرة قائلاً: 

كاد قلبي يتوقف من شدة الخوف عندما حان دوري للقفز من الطائرة، شعرت بكل الخوف الذي يمكن أن يشعر به إنسان، وانتابني إحساس غريب بأن المظلة لن تنفتح في الوقت المناسب وأن الجاذبية الأرضية ستمنع الهواء من حملي لاصطدم بالأرض!

ومن عادتهم في القفز المظلي ( لمن يقوم به للمرة الأولى) أن يخبروا القافز بأن دوره يحين عند عد الرقم ثلاثة ولكن كانت المفاجأة عندما دفعوني خارج الطائرة عند العد لاثنين فقط و ذلك ليمنعوك من التمسك بباب الطائرة أو بأحد المشرفين على عملية القفز!

فعد المشرف الرقم واحد ثم دفعني لأسقط بكامل خوفي من باب الطائرة ولكن وفي نفس اللحظة التي كان خوفي فيها لا يوصف، شعرت بحرية تغمرني بسعادة لم أشعر بمثلها من قبل، نعم لقد تغلبت على  خوفي، نعم فعلتها!

إن أعدى أعداء الإنسان- الخوف – ومن يستسلم له يموت كل يوم ألف مرة.

فالخوف كشعور ناتج عن حالة ذهنية معينة لا يأتي بخير (إذا كان شديداً) فالخوف يتولد عنه الغضب والكره والتفكير بوقوع الأسوء دائماً فيحيل حياة الإنسان إلى جحيم إذا سمح للخوف أن يتحكم به.

أما إذا سيطر الإنسان على الخوف وحدد سببه وواجهه ووضعه بحجمه الحقيقي فقد يتحول هذا الخوف إلى دافع إيجابي للإنجاز وتحقيق أمور عظيمة في حياة الإنسان. 

فالخوف الواعي من الامتحان يدفعك لمزيد من الدراسة والخوف من فشل مشروع أو عمل ما يدفعك لإتقانه والخوف من الله يدفعك لجنبه!

في الختام يمكن القول أن الخوف إما أن يكون عقبة تمنعك حتى من فهم نفسك أو أن يكون دافعاً لتحقيق ذاتك والخيار دائماً عائد لك!                                  

مقالات أخرى